رحلتي مع داء كرون: كيف ساعدني النظام الغذائي على تقليل الأعراض وتحسين حياتي

بواسطة: يوسف محمد عثمان

نوع-الغذاء-مهم-لمرضي-داء-كرون

 

 

من الواضح أن الغذاء له تأثير كبير على داء كرون، لكن التفاصيل ليست بهذه السهولة. فالتحدي يكمن في معرفة أي الأطعمة تسبب المشاكل، ولماذا تؤثر بعض الأطعمة دون غيرها، ومتى يمكن تناول أطعمة معينة بأمان، وكيف ينعكس كل نوع من الطعام على الجسم.

ما هو داء كرون

 

مرض كرون هو نوع من أمراض المناعة الذاتية التي تسبب التهاب الامعاء و ينتج عنه تورمًا وتهيّجًا للأنسجة بها. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ألم بطني، إسهال شديد، تعب، فقدان وزن وسوء تغذية.

الالتهاب الناتج عن مرض كرون يمكن أن يصيب مناطق مختلفة من الجهاز الهضمي بشكل يختلف من شخص لشخص. وغالبًا ما يكون تأثير مرض كرون في نهاية الأمعاء الدقيقة وبداية الأمعاء الغليظة. و كثيرا ما ينتشر الالتهاب إلى الطبقات الأعمق من جدار الأمعاء.

قد يكون داء كرون مؤلمًا وموهنًا. وفي بعض الأحيان، قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة أو مهدِّدة للحياة.

لا يوجد علاج معروف لمرض كرون، ولكن يمكن أن تقلل العلاجات بشكل كبير من أعراضه، بل وتُحدث هدنة طويلة الأمد وشفاءًا من الالتهاب. ومع العلاج، يمكن للعديد من المصابين بمرض كرون أن يعيشوا بوظائف طبيعية بشكل جيد.

النظام الغذائي الصحي مهم جدا للتخفيف من مرض كرون (تجربة ذاتية لمريض)

يؤثر داء كرون على كل شخص بشكل مختلف. إيجاد النظام الغذائي ونمط الحياة الأمثل لتقليل أعراض داء كرون يتطلب التجربة والخطأ. ولكن بعد سنوات من العمل الجاد، أشعر أنني على المسار الصحيح تمامًا.

الحياة مع داء كرون هي تجربة تعلم مستمرة. إليك ما تعلمته حتى الآن:

 العثور علي أفضل خطة يتطلب الكثير من الوقت والجهد

ذهبتُ إلى العديد من الأطباء  من مختلف التخصصات محاولًا العثور على أفضل علاج لداء كرون . فقد راجعتُ أطباء الجهاز الهضمي وأطباء الباطنة، وممارسًا في الطب البيئي، وأخصائي تقويم العمود الفقري، ومعالجًا بالإبر الصينية، وممارسًا في الطب الشمولي. قام ممارس الطب الشمولي بإجراء اختبارات لي للكشف عن جميع أنواع حساسية الأطعمة، لكن النتائج لم تُظهر أي مسبب للحساسية بعينه. ومع ذلك، قال لي: “لا يهمني ما تقوله الاختبارات — توقف عن تناول الغلوتين.”

كنت بالفعل في ذلك الوقت  تقريبا لا أكل ما يحتوي علي الغلوتين، حيث كنت أتجنب الخبز والمعكرونة، كما أنني قررت أن أكرس نفسي بالكامل لنمط حياة خالٍ من الغلوتين، و أهتم بقراءة الملصقات بعناية. إمتنعت عن تناول صلصة الصويا (القمح هو عامل رئيسي في إنتاجها)، قمت بالحد من نظامي الغذائي بشكل جاد. وبعد بضعة أشهر، لم يتحسن داء كرون لدي كثيرًا. ومع ذلك، اختفى “الضباب الدماغي” الذي كنت أشعر به خلال السنوات القليلة الماضية. علمني ذلك درسًا مهمًا – الطعام يؤثر على جسمك بالكامل، وليس فقط على جهازك الهضمي.

بعد تجربة جميع أنواع الأنظمة الغذائية – نظام غذائي خالٍ من الأطعمة النيئة، ونظام غذائي يحتوي فقط على أطعمة نيئة، ونظام غذائي سائل، ونظام غذائي خالٍ من الخميرة، ونظام غذائي يعتمد على الفواكه، ونظام غذائي نباتي – وجدت أن انتقاء واختيار جوانب مختلفة من كل منها ساعدني على تحسين حالتي.

 قد لا تنجح الأمور تماما في المرة الأولى ولكن استمر في المحاولة

أكد ممارس الطب الشمولي على أهمية تناول البروبيوتيك بانتظام. كنت قد جربت البروبيوتيك من قبل، لكن جسمي استجاب للبكتيريا الجيدة كما لو كانت دخيلة. تسبب في مشكلة فورية. خلال هذه الفترة، كنت لا أستطيع تناول الكثير من الأطعمة، لذلك لم أكن أحصل على ما يكفي من العناصر الغذائية. لكن الممارس حثني على الاستمرار في تناول كبسولات البكتيريا النافعة، لإعطاء البكتيريا النافعة في البروبيوتيك وقتًا لمحاربة البكتيريا السيئة في أمعائي.

بعد أن أدخلت ما يكفي من البكتيريا الجيدة، هدأ جهازي الهضمي وبدأت البكتيريا النافعة في العمل. كانت معركة بيني وبين أمعائي – لكني انتصرت. أنا الآن أتناول البروبيوتيك مرتين في اليوم، وأعزو كثيرا من نجاحي إلى تلك البكتيريا النافعة التي تحارب بقوة من أجلي. يبدو أن تناول البروبيوتيك يساعد بعض – ولكن ليس كل – مرضى كرون.

حالتك النفسية لا تقل أهمية عن صحتك الجسدية

إحدى أهم الدروس التي تعلمتها هي أنه، إلى جانب الأطعمة المقلية، يُعَدّ التوتر أكثر ما يربك جسمك ويؤذيه. فعندما بدأتُ أول مرة تجربة مختلف الحميات الغذائية محاولًا معرفة ما يناسبني، كنتُ أقلق كثيرًا بشأن كل ما أتناوله، لدرجة أن داء كرون كان يشتعل لديّ بغض النظر عمّا أكلت. لم يكن الطعام هو السبب، بل التوتر هو الذي سبّب التهيّج.

كان عليَّ أن أتعلم كيف أسترخي، وأن أعتني بنفسي نفسيًا كما أعتني بها جسديًا، وأن أجد طرقًا لتخفيف التوتر حتى أشعر بالتحسن. والآن أمارس اليوغا والتأمل، وأحرص على النوم الكافي كل ليلة، وأشرب الكثير من الماء. أحيانًا ننسى مدى أهمية هذه الأساسيات البسيطة.

بعض الأمور تبدو مستحيلة – لكن خذها بخطوات صغيرة

قبل بضع سنوات، سمعت عن حمية الكربوهيدرات المحددة (SCD) كعلاج ناجح لمرض كرون. لكنها حمية شديدة التقييد؛ فهي تمنع الحبوب، واللحوم المُصنَّعة، ومعظم منتجات الألبان، وبعض البقوليات، والبطاطس، والسكريات المضافة. عندما رأيت تلك القائمة، قررت أنها مبالغة كبيرة – لا يمكنني التخلي عن كل تلك الأطعمة!

لكن مع مرور السنوات، تحدثت مع مزيد من الأخصائيين، وجربت حميات مختلفة، وبدأت في حضور دروس في مدرسة للتغذية المتكاملة.

أدركت أن فوائد تناول الطعام الصحي تفوق صعوباته. فأنا بالفعل لا أتناول الغلوتين، وأتجنب الألبان في معظم الأوقات، وأختار المنتجات العضوية فقط، وأستهلك القليل جدًا من السكر، كما بدأت أطبخ بنفسي أكثر، حتى أعرف ما يدخل في طعامي وكيف يؤثر كل مكوّن عليّ. إن العثور على النظام الغذائي الأفضل لمرض كرون هو رحلة وتجربة مستمرة. والآن أفكر في تجربة حمية الكربوهيدرات المحددة – فبعد كل ما جربته، لم تعد تبدو صعبة كما كانت من قبل.

لا أملك العلاج السحري لمرض كرون – ولست متأكدًا من وجوده أصلًا. لكن ما أعلمه هو أنني بحاجة إلى رعاية جسدي وعقلي وروحي حتى أشعر بأفضل حالاتي. وأنا دائمًا أكتشف وأجرب استراتيجيات جديدة. لكنني الآن أشعر بتحسن وأتحكم في مرض كرون بشكل أفضل، وسعيد بأنني على هذا الطريق الصحي.

تعريف-بمحرر-الموقع

تعريف

يوسف محمد عثمان عبد الفتاح , بكالوريوس الصيدلة ، جامعة حلوان بالقاهرة.خبرة 15 عاما كصيدلي و مدير بأكبر سلاسل الصيدليات بالقاهرة.هدفي نقل علمي و معلوماتي لكل شخص لرفع الوعي الطبي و لمنفعة كل الناس. للتواصل : https://www.linkedin.com/in/yousef-osman-273a226a/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top