بواسطة: يوسف محمد عثمان
تشير مجموعة جديدة من الأبحاث إلى تزايد حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى البالغين دون سن الخمسين، وقد يكون هذا الارتفاع مرتبطًا بزيادة معدلات الفحص المبكر في الولايات المتحدة الامريكية،و قد لا تكون هذه الزيادة مؤشرا علي الاتجاه العام للاصابة بالمرض.
في عام 2018، قامت الجمعية الأمريكية للسرطان بتحديث إرشاداتها الخاصة بفحص سرطان القولون والمستقيم، حيث أوصت ببدء الفحص لدى البالغين المعرضين لمخاطر متوسطة ابتداءً من سن 45 عامًا بدلاً من سن 50، كما كان يُوصى سابقًا.
ثم في عام 2021، خفضت مجموعة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية أيضًا السن الموصى به لبدء فحص سرطان القولون والمستقيم من 50 إلى 45 عامًا. وقد ارتبط هذا التغيير في الإرشادات بزيادة في تشخيص حالات السرطان في مراحله المبكرة، لكنه لا يفسر الارتفاع العام في الحالات لدى البالغين الأصغر سنًا، وهو اتجاه بدأ منذ منتصف التسعينيات ويشمل أيضًا حالات السرطان المتقدمة.
يشير مصطلح “سرطان القولون والمستقيم” إلى نوعين من السرطان: الأول يبدأ في القولون، والثاني يبدأ في المستقيم.
وقالت إليزابيث شافير، العالمة المشاركة في قسم مراقبة السرطان وعلم صحة الإنصاف بالجمعية الأمريكية للسرطان، في رسالة بريد إلكتروني: “إن العوامل المؤدية إلى هذا الارتفاع في معدل الإصابة لا تزال غير معروفة، ولكن هناك جهود بحثية جارية تغطي طيفًا واسعًا من العوامل المحتملة، مثل الميكروبلاستيك، والأطعمة فائقة التصنيع، وغيرها من العوامل التي تؤثر على القناة الهضمية والتي تم إدخالها منذ منتصف التسعينات من القرن العشرين، عندما بدأ هذا الاتجاه”.
وأضاف الدكتور جوزيف رينالدي، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في مركز مونتيفيور آينشتاين الشامل للسرطان: “خفض سن الفحص من المرجح أنه ساهم في الكشف المبكر عن سرطانات كان من الممكن أن تمر دون اكتشاف، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل لتحديد العوامل المسببة للارتفاع المستمر في معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الفئات العمرية الأصغر”.
وأوضح: “من المحتمل أن هناك عوامل تتجاوز مجرد الإرشادات الخاصة بالفحص تساهم في هذا الارتفاع، ولا بد من تحديد العوامل السببية، سواء كانت بيئية أو جينية أو سكانية، لاستهدافها من أجل الوقاية وربما عكس هذا الاتجاه”.
وأظهرت دراسة جديدة أجرتها الجمعية الأمريكية للسرطان ونُشرت يوم الإثنين في مجلة “جاما” الطبية أن نسبة البالغين الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و49 عامًا والذين خضعوا لفحص سرطان القولون والمستقيم ارتفعت من 20.8٪ في عام 2019 و19.7٪ في عام 2021 إلى 33.7٪ في عام 2023.
وقالت شافير، وهي إحدى المؤلفين المشاركين في الدراسة: “لقد كنا ننتظر أن ترتفع معدلات الفحص في هذه الفئة العمرية. ولكن الإثارة الحقيقية تكمن في الترجمة العملية لذلك إلى تشخيص مبكر، ما يعني علاجًا أقل حدة وإنقاذًا للمزيد من الأرواح”.
وفي دراسة ثانية نُشرت أيضًا يوم الإثنين في مجلة “جاما” وأجرتها الجمعية الأمريكية للسرطان، وُجد أن معدل تشخيص حالات سرطان القولون والمستقيم في مراحله المبكرة بين البالغين من 45 إلى 49 عامًا ارتفع من 9.4 حالة لكل 100,000 شخص في عام 2019 إلى 11.7 في 2021، ثم إلى 17.5 في 2022، وهو ما يمثل زيادة نسبية تُقدر بـ50% بين عامي 2021 و2022.
وقالت شافير، المؤلفة الرئيسة للدراسة الثانية: “لو كان الفحص هو السبب الرئيسي في هذا الارتفاع، لكان الارتفاع متركزًا في السرطانات المبكرة فقط، وليس المتأخرة”.
وأضافت: “قبل إدخال الفحص في هذه الفئة العمرية، كان من النادر تشخيص السرطان في مراحله المبكرة لعدم ظهور الأعراض عادةً. لذلك، كان من المفاجئ أن يتضاعف معدل الإصابة في المراحل المبكرة من 9.4 إلى 17.5 لكل 100,000 شخص”.
ومع استمرار ارتفاع حالات سرطان القولون والمستقيم بين البالغين الأصغر سنًا، يوصي خبراء الصحة العامة الآن بضرورة زيادة وعيهم بأعراض المرض والمبادرة للفحص متي أمكن ذلك.
Contents
علامات و أعراض الاصابة بسرطان القولون و المستقيم
أكثر من نصف الأشخاص الذين يتم تشخيصهم بسرطان القولون والمستقيم قبل سن الخمسين لا يكونون مؤهلين للفحص لأنهم لم يبلغوا سن 45 عامًا بعد، ومع ذلك فإن غالبية المؤهلين لم يخضعوا للفحص بعد، بحسب الدكتورة جيسيكا ستار، العالمة المشاركة في قسم أبحاث عوامل خطر السرطان ومراقبة الفحص في الجمعية الأمريكية للسرطان.
وأضافت أنه سواء أوصى الطبيب بالفحص أم لا، يجب على الأشخاص مراقبة الأعراض والاتصال بمقدمي الرعاية الصحية في حال ظهور أي منها.
في الولايات المتحدة، يُقدر أن واحدًا من كل 23 رجلاً وواحدة من كل 25 امرأة سيُشخَّصون بسرطان القولون والمستقيم خلال حياتهم.
وقالت ستار: “العَرَض الأكثر شيوعًا هو النزيف الشرجي”، مشيرة إلى أن 41٪ من المرضى تحت سن الخمسين يعانون من هذا العارض، مقارنة بـ26٪ من المرضى فوق الخمسين. كما يعاني الكثيرون من تقلصات أو آلام في البطن.
وتضيف: “الشباب، على وجه الخصوص، يترددون في الحديث عن هذه الأعراض، ولكن الحديث عنها قد ينقذ حياتهم”.
ومن الأعراض الأخرى المهمة: التغير المستمر في عادات الإخراج أو شكل البراز، انخفاض الشهية، وفقدان الوزن. وتوصي بمراجعة الطبيب في حال استمرار أي من هذه الأعراض لعدة أسابيع.
وتابعت: “إذا كنت شابًا ولا يتم التعامل مع مخاوفك بجدية، فاطلب رأيًا طبيًا ثانيًا. هناك الكثير من القصص عن شباب قيل لهم إنهم مصابون بالبواسير، ثم اكتُشف لاحقًا، بعد أشهر أو حتى سنوات، أن الأمر كان سرطانًا”.
وقد روت كيلي سبيل، البالغة من العمر 33 عامًا، أنها شعرت بأعراض سرطان القولون والمستقيم بعد ولادة طفلها الأول، لكن الأطباء أرجعوا تلك الأعراض إلى مرحلة ما بعد الولادة والبواسير الداخلية.
وقالت :”في أحد الأيام ذهبت إلى الحمام، وعندما نظرت للأسفل، ظننت أنه وقت دورتي الشهرية، لكنه لم يكن كذلك. عندها أدركت أن الأمر مقلق للغاية”. وعندما تكرر النزيف بغزارة، التقطت صورًا له وعرضتها على طبيب الرعاية الأولية، الذي أمر على الفوربالقيام بمنظار للقولون، وهو ما أدى إلى تشخيصها بسرطان المستقيم من المرحلة الثالثة في سن 28 في عام 2020.
وقالت سبيل: “الدفاع عن النفس أمر بالغ الأهمية. لو لم أصر وأتابع بنفسي، لا أعرف أين كنت سأكون الآن، خاصة كأم جديدة”.
تم علاجها بدواء مناعي يُدعى “دوستارليماب”، وهي الآن أم سليمة لثلاثة أطفال ولا تزال خالية من السرطان.
كيفية الكشف المبكر عن المرض
يساعد الفحص في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، لأن معظم هذه السرطانات تبدأ بتكوُّن زوائد (سلائل) قبل أن تتحول إلى خلايا سرطانية. ومن خلال الفحص، يمكن اكتشاف هذه السلائل وإزالتها في مراحلها المبكرة.
تشمل الخيارات الحالية للفحص لدى الأشخاص المعرضين لمخاطر متوسطة ما يلي:
- اختبار البراز سنويًا أو كل ثلاث سنوات
- تنظير القولون التقليدي كل 10 سنوات
- تنظير القولون الافتراضي كل خمس سنوات
- أو تنظير السيني (sigmoidoscopy) كل خمس سنوات، وهو إجراء يُستخدم فيه أنبوب شبيه بالمنظار لفحص الجزء السفلي من القولون
وأظهرت دراسة منفصلة نُشرت يوم الإثنين في مجلة “جاما” أن الأشخاص المؤهلين حديثًا للفحص كانوا أكثر رغبة في استكماله عندما تم إرسال مجموعة اختبار البراز إليهم عبر البريد دون طلب مسبق، مقارنة بمن طُلب منهم اتخاذ قرار بين تنظير القولون، أو اختبار البراز، أو تأجيل الفحص.
وقالت شافير: “السؤال المهم الآخر هو كيف يمكن زيادة معدلات الفحص، خاصةً بين أولئك الذين لا يحصلون على الرعاية الصحية، وهي فئة لم تشهد أي زيادة كبيرة في معدلات الفحص في دراستنا”.
رغم الارتفاع الأخير في معدلات الفحص، تشير تقديرات اللجنة الوطنية لسرطان القولون والمستقيم إلى أن أكثر من ثلث البالغين من سن 45 عامًا فأكثر لا يخضعون للفحص كما هو موصى به.
كيف يمكن الوقاية من الاصابة بسرطان القولون و المستقيم
وقالت ستار: “هناك العديد من الأمور التي يمكن للأشخاص من جميع الأعمار القيام بها لتقليل خطر الإصابة، منها الإقلاع عن التدخين، والحفاظ على وزن صحي، والنشاط البدني ، واتباع نظام غذائي صحي غني بالحبوب الكاملة والفواكه والخضروات، ومنخفض في اللحوم الحمراء والمصنعة”.
وتُعزى أكثر من نصف حالات سرطان القولون والمستقيم في الولايات المتحدة إلى هذه العوامل القابلة للتغيير، وفقًا للجمعية الأمريكية للسرطان.
وقال الدكتور رينالدي: “لقد أُجريت العديد من الدراسات لتحديد العوامل التي تسهم في تطور سرطان القولون. الحفاظ على نمط حياة نشط ووزن صحي أمر مهم، إذ إن السمنة مرتبطة بالإصابة المبكرة. وأوصي أيضًا بتجنب التدخين، والحبوب المكررة، والمشروبات التي تحتوي علي السكر، والتركيز بدلًا من ذلك على نظام غذائي غني بالألياف، نباتي في معظمه، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والمصنعة، حيث يُعتقد أن هذا النمط الغذائي يقي من أمراض القولون”.

تعريف
يوسف محمد عثمان عبد الفتاح , بكالوريوس الصيدلة ، جامعة حلوان بالقاهرة.خبرة 15 عاما كصيدلي و مدير بأكبر سلاسل الصيدليات بالقاهرة. هدفي نقل علمي و معلوماتي لكل شخص لرفع الوعي الطبي و لمنفعة كل الناس.